Monthly Archives: نوفمبر 2009

السامية الساقطة


السامية الساقطة

 

احمد دخيسي

 

 

” في كل مكان يكون فيه حضور الغير خطرا على

شعب إسرائيل، فمسموح قتله حتى لو كان من

محبي أمم العالم وليس مذنبا على الإطلاق في

الوضع الناشئ …

يجب قتل كل من يشكل خطرا على شعب إسرائيل

سواء كان ولدا أم طفلا …إنهم (الأطفال والرضع)

سدادو الطريق، فالرضع يسدون طريق النجاح

بوجودهم، وعليه مسموح قتلهم لأن وجودهم يساعد

القتل…

من أجل الانتصار على الأشرار(كل من ليس يهوديا)

يجب التصرف معهم بطريق الثأر والصاع بالصاع.

فالثأر هو حاجة ضرورية لجعل الشر غير مجد،

وعليه تنفذ أحيانا أفعال وحشية ترمي إلى خلق ميزان

رعب سليم…”

الحاخام يتسحاق شابيرا

 

 

لم يشهد التاريخ البشري ظاهرة مضللة كالظاهرة الصهيونية، ولم تعرف البشرية عقيدة تعشق القتل والدم حتى النخاع كالعقيدة الصهيونية. ليس هناك أشرف من معاداة “السامية” الساقطة التي منذ أن كانت لم تتوقف عن القتل دقيقة واحدة. كان اليهود “شعبا” منبوذا في أوربا قبل تأسيس الكيان الصهيوني السرطاني في فلسطين، وكان الغرب يرى اليهود وقتئذ مجرد فائض بشري jewish surplus   يجب تصديره والتخلص منه. هذا الطموح الاستعماري الغربي للتخلص من اليهود تزامن مع ضعف الإمبراطورية العثمانية التي كانت على وشك الانهيار، كما تزامن مع طموح السامية الساقطة لبناء وطن قومي لليهود المنبوذين.

 

من جهتها عملت الدول الاستعمارية آنذاك، بريطانيا خصوصا، جاهدة لتنفيذ المخطط الصهيوني ليس إشفاقا على اليهود المشتت أمرهم بل لتوظيفهم لخدمة المصالح الاستعمارية الغربية،  خاصة  أن المكان الذي وقع عليه الاختيار هو فلسطين (أرض كنعان): قلب الأمة الإسلامية، فيها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ملتقى الشرق والغرب، تربط آسيا بأفريقيا وقريبة من أوربا. “وبذلك تم تحويل جماعة وظيفية (اليهود) كانت تعمل بالتجارة والربا وأصبحت دون وظيفة في الحضارة الغربية إلى جماعة وظيفية تعمل بالاستيطان والقتال في خدمة الحضارة الغربية خارج حدودها.”(1)

 

هذه الأطروحة الاستعمارية روجت كثيرا لأسطورة “الهولوكوست” التي تعرض لها اليهود بألمانيا النازية وتم تصوير اليهود على أنهم شعب مقهور ومظلوم يستحق أن تكون له دولة قومية. أكثر من ذلك، تم سن أغرب قانون على وجه الأرض يجرم كل من يشكك في الهولوكوست ويتهم بمعاداة “السامية”. فلو قبلنا على مضض أن تلك المحرقة ارتكبتها النازية في حق اليهود، فلماذا يدفع الفلسطينيون ثمن الجريمة الأوروبية؟ ثم أين هي النازية، رغم بشاعتها، من الجرائم الصهيونية الحالية؟

 

إذا كانت “السامية” تعني، كما قال الحاخام  شابيرا، قتل الأطفال والرضع وكل من ليس يهوديا فمن الواجب شرعا وعقلا و قانونا معاداة هذه “السامية” الساقطة. ما هي إلا شوفينية متطرفة حتى النخاع تجعل من اليهود أسياد العالم لأنهم “شعب الله المختار”. نعم شعب الله المختار ليقتل الإنسان ويدمر الحياة. فهم وحدهم الإنسان أم باقي الشعوب فليسوا إلا أميين في مرتبة الحيوانات مستحلة دماؤهم وأعراضهم. بالتالي فكل جرائمهم البشعة في حق البشر والشجر والمرأة والرضيع، وهم قتلة الأنبياء، ونقضهم كل العهود وتجاوزهم كل الأعراف الإنسانية، كل ذلك له سند عقائدي قوي في تلمودهم و”ساميتهم” الساقطة. يقول أحدهم (اسمه سلخان أروش)، فما أجمل أن تسمع الصفاقة من أهلها، يقول: “إنه عمل صالح أن يستولي اليهودي على ممتلكات أمي.” طبعا الأمي عندهم ليس هو الذي لا يعرف القراءة والكتابة كما هو متعارف عليه إنسانيا، الأمي عندهم هو كل من ليس يهوديا. يضيف آخر (لب طوب) إلى هذه الصفاقة: “بيوت الأميين بيوت حيوانات.” أما لوكوهوت هابرت فيكمل شرح فصول هذه الصفاقة قائلا: “رغم أن شعوب الأرض تشبه اليهود في المظهر، فهي في الحقيقة لليهود كالقردة بالنسبة للانسان.”

 

قبل هذا وبعده، ألا نقرأ كل هذه الحقائق بجلاء في القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ليس من العبث أن يخصص لهم القرآن مساحة واسعة ليعرف من يقرأ كلام الله تعالى حقيقتهم وحقيقة “ساميتهم” الساقطة.

1-    الإفساد في الأرض:  ” وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا(4) “. الإسراء

2-      نقض العهود: ” أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ(100) ” البقرة.

3-      القتل: ” ويَقْتُلُونَ الَذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ(21) ” آل عمران.

4-      المكر والخديعة: ” وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ(76) “. البقرة

5-      العداء الشديد: “لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا..” (82) المائدة.

 

يطول بنا المقام إن نحن نريد الإحاطة بكل صفاتهم المذمومة. حتى الغرب الذي كان قد دعمهم على علم بذلك، لذلك صدرهم اتقاء لشرهم. شهادات غربية كثيرة سجلها التاريخ حول حقيقة اليهود الذين عاشوا قرونا طويلة محافظين على هويتهم الزيتية لأن طباعهم لا تسمح لهم بمخالطة شعوب الأرض. نقرأ شهادة زعيم الحركة البروتستانية مارتن لوثر: “اليهود كذابون كلاب حرفوا الكتب من أولها إلى آخرها بتأويلاتهم المتتابعة…لم تطلع الشمس قط على شعب دموي انتقامي مثلهم، إذ يزعمون أنهم شعب الله المختار.. وأول ما ينتظرونه من مسيحهم أن يقتل بسيفه العالم كله ويفنيه… ليس تحت الشمس شعب أكثر جشعا، وما كان ولن يكون، كما يمكن أن يرى ذلك من رباهم الملعون. إنهم يحلمون بيوم ظهور مسيحهم ليجمع فضة العالم وذهبه ويوزعهما عليهم… أنتم معاشر اليهود كنتم منذ أكثر من خمسة عشر قرنا عنصرا لعنه الله … ليس لكم من مزية تفتخرون بها إلا خطاياكم.” نقرأ شهادة أخرى مهمة للفرنسي نابليون عن اليهود، يقول:” لا يمكن أن تحسن طباع اليهود بالحوار. يجب أن تضع لهم قوانين خاصة بهم. مند عهد موسى [عليه السلام] أصبح اليهود إما ظلمة معتدين وإما مرابين. كل عبقرية اليهود تتلخص في أعمال النهب… إن لهم عقيدة تبارك سرقاتهم و جرائمهم … إن اليهود جراد أو حشرات تأكل فرنسا.”

 

كان دعم الغرب لليهود إذن تصديرا لهم أو هو تعاقد مصلحي التزمت بموجبه الدول الاستعمارية بتأمين دولة قومية لليهود ورعايتها بالمال والسلاح مقابل ضمان تلك “الدولة” المصالح الغربية. تعاقد براجماتي لأن الحضارة الغربية مادية فاقدة للإحساس وأعجز من أن تحس أو يرق قلبها لمأساة اليهود وحاجتهم الماسة لوطن قومي يجسدون عليه أحلام “شعب الله المختار”. أسس الكيان الصهيوني وأصبح “كلب حراسة رأسه في واشنطن وذيله في القدس.” منذ ذلك اليوم والكيان السرطاني لم يتوقف يوما عن إشعال الحروب وارتكاب الجرائم تماما كما فعل “العالم الحر” الذي أتى بهم من إبادة السكان الأصليين في أمريكا، أستراليا، نيوزيلاندا، رواندا… فضلا عن جرائم الاستعمار والعبودية.

 

أعود لكلام الحاخام شابيرا حول ضرورة قتل الأطفال الرضع لأنهم خطر على “دولة إسرائيل”، هذا ما يفعلونه وقد فعلوه في عدوانهم الأخير على غزة. الحمد لله أن أرحامهم عقمت وأصبح مستوى الخصوبة عندهم من أدنى المستويات في العالم. ومن طرائف الصهيونية أن إنجاب الأولاد في كيانهم أصبح “واجبا وطنيا” و”مطلبا قوميا” لأنهم يشعرون أن كيانهم المتهالك يعيش أيامه الأخيرة بسبب أرحامهم العقيمة. ويا لحسدهم على المرأة الفلسطينية التي يصفونها بالقنبلة البيولوجية لأنها  تنجب أطفالا كثرا يهددون حلم اليهود بإطالة عمر كيانهم المزروع على أنقاض أجداد أولئك الأطفال الأعداء. بالتالي أصبحت المأساة التي يعيشها الكيان الصهيوني أكبر بكثير من حجمه على الخريطة وأصبح يفكر جديا من نقل المعركة من ساحات القتال إلى غرف النوم.

 

ختاما، يجب التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية كقضية أولى للأمة الإسلامية وإنه من التضليل اختصار ما يجري هناك في مهد الرسالات في مجرد صراع “عربي إسرائيلي” أو تقزيمه أكثر إلى صراع “فلسطيني إسرائيلي”. القضية قضية أمة من إندونيسيا إلى المغرب. لذلك فالاهتمام بهذا الموضوع ليس من قبيل التأتيت الفكري والترف الأكاديمي بل هي قضية شرعية وفرض عين. هذا زمن الغثاء كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمم التي ستتداعى علينا رغم كثرتنا. صحيح أن الأمة تمر بمحن كثيرة لكن تبقى القضية الفلسطينية هي عنوان ضعف الأمة الأبرز. المرارة تزداد عندما نعرف أن مداخل هذا الوهن ليست خارجية فقط، أعني أن الغطرسة الأمريكية والصهيونية ركبتا على ظهر بعض أبناء الوطن عندما وجدت ذلك الظهر منحنيا. استسلمت “منظمة التحرير الفلسطينية” للمفاوضات العبثية تحت ذريعة واهية “سلام الشجعان” فكانت النتيجة القتل والإستيطان والتهويد والحصار والتجويع… الأنكى من ذلك أن الطاولة التي وقعت عليها منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاقية مدريد عام 1991 هي نفس الطاولة التي وقعت عليها اتفاقية اندحار المسلمين من الأندلس منذ أمد بعيد. فلو جمعنا كل الأوراق التي تكتب فيها مجريات المفاوضات والقمم لأحرقنا بها الكيان الصهيوني منذ أمد بعيد.

لله الأمر من قبل ومن بعد.

 

احمد دخيسي

————————————

(1) د عبد الوهاب المسيري، مجلة الفرقان عدد 48، 2002/1423، ص86)

تصحيح الامتحان الوطني الموحد للباكلوريا الدورة العادية2009 ، مسلك العلوم الإنسانية


تصحيح الامتحان الوطني الموحد للباكلوريا الدورة العادية2009

مسلك العلوم الإنسانية – اللغة العربية وآدابها-

ذ. زايد جرو، تنغير

 

 

المملكة المغربية

وزارة التربيــة الوطنيــة والتعليم العالي

وتكوين الأطر والبحث العلمي

المركز الوطني لتقويم الامتحانات

الامتحان الوطني

الدورة العادية 2009

 

 

 

المادة:

اللغة العربية

المعامل: 3

الشعبة:

شعبة الآداب والعلوم الإنسانية، مسلك العلوم الإنسانية،

مدة الإنجاز: 3 ساعات.

أجب عما يلي:

I  – درس النصوص: (14ن)

يصعب على الدارس -إذا أراد تجنب المسلمات النقدية الشائعة- أن يصل إلى مفهوم كلي ينتظم طبيعة التجربة عند الشعراء الوجدانيين وموقفهم منها، ذلك لأن هؤلاء الشعراء -برغم نزعتهم الوجدانية الغالبة- يختلفون فيما بينهم اختلافا غير قليل في هذا المجال، حسب البيئة والنشأة والثقافة والمزاج.

فليس من اليسير مثلا أن يقال -على سبيل التعميم- إن الشعراء الوجدانيين جميعا كانوا مشغوفين بالطبيعة، يعشقون جمالها لذاته أحيانا، ويخلعون عليه أحيانا أخرى بعض مواقفهم من الحياة والناس والحضارة الحديثة، فإن من بين هؤلاء الشعراء من لا نكاد نجد للطبيعة أثرا يذكر في شعره، إلا بمقدار ما يستمد منها بعض تشبيهاته ومجازاته، كما يفعل الشعراء في كل العصور.

وليس من الممكن أن يقال إن هؤلاء الشعراء جميعا كانوا مفتونين بعاطفة الحب، يعبرون عنها أحيانا في إطار من التجارب الذاتية المحدودة، ويبسطون أحيانا من طبيعتها لتصبح وسيلة إلى التطهر والسمو والحنين الغائم إلى عالم مثالي؛ فإن منهم من يصنع ذلك، ومنهم من تشحب في شعره تلك العاطفة فتطغى عليها ألوان أخرى من التجارب. وقد يقال إن “الكآبة” طابع غالب على الشعر الوجداني، وهو قول حق، لكنه لا يصدق على نماذج كثيرة من هذا الشعر، كما تختلف الكآبة فتظل صورة لحالات نفسية عارضة، وتعمق أحيانا وتمتد حتى توشك أن تكون نظرة ثابتة إلى الحياة والكون، تدفع الشاعر إلى كثير من التأمل في غاية الحياة وطبيعة الخير والشر.

ومن أدلة هذا التباين عند هؤلاء الشعراء ما نراه من فرق واضح بين طبيعة التجربة والنظرة عند شعراء المهجر بوجه عام، والشعراء في الوطن العربي. فالمهجريون -برغم كثرة حديث الدارسين عن أشواقهم وحنينهم ولجوئهم إلى الطبيعة- يجنحون في الأغلب إلى التأمل في ذواتهم وفي طبيعة النفس الإنسانية، ووضع الفرد في المجتمع والكون، على حين تقل هذه النظرة “الفكرية” عند الشعراء في الوطن العربي، ويطلقون لوجدانهم العنان فتتحول الأفكار لديهم إلى أحاسيس يصبغها خيالهم بألوان مختلفة من مشاهد الطبيعة وعواطف الحب..

وهكذا نؤكد صعوبة “التعميم” في الحديث عن مضمون التجارب الوجدانية ومواقف الشعراء منها، إذ يكاد يكون لكل منهم عالمه الخاص، وإن اشتركوا في بعض السمات هنا أو هناك. وقصارى ما يستطيعه الدارس أن يلم أشتات هذه العوالم، ويحاول أن يجد وراءها معنى كليا يصدر عنه هؤلاء الشعراء على اختلاف تجاربهم ومواقفهم.

 مصدر النص: عبد القادر القط: «الاتجاه الوجداني في الشعر العربي»،

دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، طبعة 1978، الصفحة 307 وما بعدها (بتصرف).

 

 

الأسئلة:

أكتب موضوعا إنشائيا متكاملا تحلل فيه هذا النص، مستثمرا مكتسباتك المعرفية والمنهجية واللغوية، ومسترشدا بما يأتي:

–       تأطير النص داخل سياقه الأدبي والثقافي؛

–       تحديد القضية الأدبية التي يطرحها النص، وعرض أهم العناصر المكونة لها؛

–       رصد سمات الاتجاه الوجداني كما وردت في النص، وإبراز علاقتها بتجربة الشعراء الوجدانيين؛

–       بيان الطريقة المعتمدة في معالجة القضية المطروحة؛

–       صياغة خلاصة تركيبية تتضمن مناقشة موقف الكاتب من تجارب الشعراء الوجدانيين مع إبداء الرأي الشخصي.

II  درس المؤلفات: (6ن)

جاء في رواية (اللص والكلاب) لنجيب محفوظ ما يلي:

“… وتساءل (سعيد مهران) بصوت مسموع كئيب:

– نور، أين أنتِ؟

محال أن تكون بخير هل قبض البوليس عليها؟ هل اعتدى عليها بعض الأوغاد؟ هي ليست على أي حال بخير. هو يؤمن بذلك بقلبه وغريزته. لن يرى نور مرة أخرى. وخنقه اليأس خنقا، ودهمه حزن شديد الضراوة، لا لأنه سيفقد عما قريب مخبأه الآمن، ولكن لأنه فقد قلبا وعطفا وأنسا، وتمثلت لعينيه في الظلمة بابتسامتها ودعابتها وحبها وتعاستها فانعصر قلبه. ودلت حاله على أنها كانت أشد تغلغلا في نفسه مما تصور. وأنها كانت جزءا لا يصح أن يتجزأ من حياته الممزقة المترنحة فوق الهاوية. وأغمض عينيه في الظلام واعترف اعترافا صامتا بأنه يحبها…”

نجيب محفوظ: اللص والكلاب، دار الشروق، القاهرة، طبعة 2006، الصحفة112.

انطلاقا من هذا المقطع واستنادا إلى ما اكتسبته من قراءتك الرواية، أنجز ما يأتي:

تحديد موقع المقطع داخل مسار أحداث الرواية؛

إبراز دور (نور) باعتبارها قوة فاعلة في نسج أحداث الرواية وتطورها.

دليل التصحيح:

1.   درس النصوص:

مع أواخر القرن التاسع عشر بدأ المجتمع العربي يبحث عن عوامل التحديث وبواعث التطور، وكانت الحضارة الغربية نقطة مضيئة جذبت كل التواقين إلى بناء مشروع التحديث في المجتمع ونبذ كل مظاهر التخلف والاختلاف، فبرزت حركة شعرية تجديدية تحاول تغيير المفاهيم التقليدية المتداولة في الفن والأدب، وتدعو إلى رؤية جديدة تتجاوز الرؤية الإحيائية التي وقفت عند تكرار النماذج الجاهزة سلفا وذلك بالتمسك بلغة القدماء وأساليبهم البيانية واقتفاء آثارهم في المعاني والأفكار، ولم تُولِ هذه الحركة ذات الشاعر وهمومه الفردية أهمية كبرى، فكانت نقطة التحول الأولى في الشعر الحديث تقليدية التفتت إلى التراث أكثر من الالتفات إلى ذات الشاعر وواقعه المتوتر والمتعقد، لذلك دعت الحركة التجديدية إلى تبني مفهوم جديد ومختلف للشعر وإعادة صياغة المفهوم الحقيقي له تُجلِي وتظهر علاقة الذات بالعالم الخارجي كما تُظهر أيضا علاقة المبدع بالطبيعة وأسرارها، وهي مفاهيم تبنتها الحركة الرومانسية الغربية التي امتدت مفاهيمها إلى الشعر العربي عبر الحركات الفكرية العربية التي وسعت الرؤية التجديدية بالاستفادة من الثقافات الأخرى وأبعادها الوجدانية كالثقافة الصوفية والفلسفية والهندية… ومن بين الحركات التي دعت إلى التجديد: مدرسة الديوان، المدرسة المهجرية، حركة أبولو، رغم اختلافها في مضامين المفاهيم الوجدانية التي دعت إليها، فما هي القضية الأدبية التي يعالجها النص وما هي عناصرها وسماتها؟ وما هي الطريقة المعتمدة في معالجة القضية المطروحة؟

إن القضية التي يعالجها الكاتب عبد القادر القط في النص تكشف اختلاف تجارب الشعراء الوجدانيين، فرغم نزعتهم الوجدانية الغالبة فهم مختلفون في هذا المجال حسب النشأة والبيئة والثقافة والمزاج، وتتفرع هذه القضية إلى قضايا كبرى، ويمكن حصرها في ما يلي:

–       تباين مستويات شغف الشعراء الوجدانيين بالطبيعة.

–       اختلاف تمثلاتهم لعاطفة الحب.

–       تباين رؤيتهم لموضوع الكآبة.

–       المقارنة بين شعراء المهجر وبين غيرهم من الشعراء الوجدانيين العرب للتدليل على هذا الاختلاف.

ويمكن أن نحدد سمات الاتجاه الوجداني في التعلق بالطبيعة والارتباط بها، لأنها تشكل الخلاص من عالم الرداءة والكراهية، فهيمنت عاطفة الحب على أشعارهم أحيانا وغلب طابع الكراهية أحيانا أخرى. فامتزجت هذه السمات في تجاربهم الشعرية امتزاجا عضويا اتحد فيه العالم الخارجي بالعالم الداخلي للشاعر، وأصبح الشعر تعبيرا عن رؤيا للوجود تحتضن مفارقات الحياة وتبلورها في مواقف دعت إلى الاحتضان والانغماس في عالم مثالي. وقد اعتمد الكاتب على منهجية وأساليب مختلفة في معالجة القضية ومن أسس هذه المنهجية:

اعتمد الكاتب على أسلوب استنباطي، انطلق فيه من فرضية كلية (صعوبة الوصول إلى مفهوم كلي)، ليعرضها في شكل مقدمات (اختلاف الشعراء الوجدانيين في الشغف بالطبيعة، اختلافهم في الإحساس..).

اعتمد الكاتب على الاستدلال بالمقارنة بين الشعراء المهجريين وغيرهم من الشعراء.

اعتمد على التفسير والشرح (يصعب على الدارس أن يصل إلى مفهوم كل ينتظم طبيعة التجربة عند الشعراء الوجدانيين).

اعتمد الكاتب على أسلوب التوكيد (إن الشعراء الوجدانيين كانوا مشغوفين بالطبيعة).

اعتمد على أسلوب الحكم عندما انتهى الكاتب في آخر النص إلى القول: (وهكذا نؤكد صعوبة التعميم في الحديث عن مضمون التجارب الوجدانية…).

كما وظف الكاتب أساليب لغوية ومنطقية حجاجية أسهمت في تقوية مظاهر اتساق النص وانسجامه كالربط والتكرار والتوكيد والتمثيل والتفسير… (يجب إعطاء أمثلة من النص).

إن الشعراء الوجدانيين التقوا جميعا عند فكرة واحدة أن الشعر وجدان، غير أن تجاربهم الوجدانية كانت متباينة، فأثمر هذا الاختلاف أشعارا مختلفة بل أشعارا حالمة في كثير من الأحيان، فلم تتح لهم هذه التجربة الذهاب برسالتهم الشعرية بعيدا ولم تتح لهم السمو بالشعر إلى مستوى الأشعار التي فرضتها طبيعة المرحلة من وعي الذات بنفسها ولظروفها وإلى التأهب لخوض المعركة بغية تغيير تلك الظروف التي منعت المجتمع العربي من التحول وبناء الغد الأفضل، وهذا هو السر في أن أثر الوجدان في شعر هذه الجماعات كانت سلبيا يُؤْثِر هدوء الحزن وظلمة التشاؤم على ابتسامة الأمل، كما يرى ذلك الناقد والشاعر أحمد المعداوي (المجاطي).

سلم التنقيط:- تأطير النص داخل سياقه الأدبي والثقافي         (2ن)

             – تحديد القضية الأدبية والعناصر المكونة لها      (2ن).

             – رصد سمات الاتجاه الوجداني…                 (3ن)

             – بيان الطريقة والأساليب المعتمدة                 (3ن)

             – تركيب وخلاصة                                  (4ن).

2. درس المؤلفات:

(2) ن

لقد أثارت رواية اللص والكلاب اهتماما متزايدا من الدارسين لقيمتها الفنية والاجتماعية في سياق تجربة نجيب محفوظ الروائية لما تمثله من نقلة نوعية في مسار الرواية العربية بأجمعها، وهي نقطة التميز الأولى التي وضعت الكاتب في طريق التميز الخاص، حيث نقل الرواية العربية من دائرة النزعة العاطفية إلى تمثل الواقع وملامسته، والمقطع مأخوذ من الفصل السادس عشر حيث يرسم الراوي الحالة النفسية لسعيد مهران بعد أن بدأت دائرة الحصار تضيق عليه وهو مختبئ في بيت نور التي اختفت ولم تعد وبذلك فقد الملاذ الآمن الذي كان يلتجئ إليه، مما شكل بداية انهياره واستسلامه…                                            

—-

(4) ن

أما دور نور باعتبارها قوة فاعلة في نسج أحداث الرواية وتطورها فيتجلى في كونها:

تشكل قوة فاعلة في نمو أحداث الرواية، إذ تعتبر عاملا مساعدا، ويتجسد ذلك من خلال الأدوار الآتية :

·       إيوائها سعيد مهران ومساعدتها له على مواجهة أعدائه والانتقام منهم..

·       كونها نافذة على العالم الخارجي لنقل الأخبار وردود أفعال الشارع والحضن الذي يخفف ضغط الخيانة والتنكر…

·       الاعتراف المتأخر والصامت بحبه لها…

·       هي وسيلة الروائي في الكشف عن الجانب العاطفي في حياة سعيد مهران.

·       أثر اختفائها في تضييق فضاء الأحداث وتسريع وثيرتها للانتهاء إلى الانهيار والاستسلام.

إن الكاتب نجيب محفوظ يبرز استمرار تفشي الفساد رغم  تبدل المجتمع بظهور الثورة التي لم تغير شيئا، بل ازدادت الأمور تدهورا، وما إيواء سعيد مهران والتستر على جرائمه إلا صورة من صور مجتمع ازداد تعقيدا وتأزما في ظل مجتمع ظل يحلم بالتغيير.

ملحوظة:  

– التصحيح المقترح كان اعتمادا على دليل التصحيح الذي يقدم للأساتذة المصححين، ويراعى في تقويم الإنجاز تماسك التصميم المنهجي، سلامة اللغة، استثمار المكتسبات المعرفية واللغوية والمنهجية.

 ( ننتظر ردودكم وانتقاداتكم واقتراحاتكم، والله ولي التوفيق)

 

 

The last redemption


              The last redemption
   It is the last redemption they seek.
   Their souls, hearts and bodies are sick
   Never do we forget that innocent kid,
   insisted not to leave his half damaged school;
   under panic,fear and horror.
   He is brave indeed
    Nor does he play;nor does he leave.
    In his classroom,he is standing still.
    Helicopters are over…tending to kill
   that bravest child already decided…
    defending rather than leaving
    resisting rather than abondoning.
    either life or death,
    he is a Palestinian indeed

written by  naoufal

The last redemption


              The last redemption
   It is the last redemption they seek.
   Their souls, hearts and bodies are sick
   Never do we forget that innocent kid,
   insisted not to leave his half damaged school;
   under panic,fear and horror.
   He is brave indeed
    Nor does he play;nor does he leave.
    In his classroom,he is standing still.
    Helicopters are over…tending to kill
   that bravest child already decided…
    defending rather than leaving
    resisting rather than abondoning.
    either life or death,
    he is a Palestinian indeed

written by naoufal

صراع الأقزام


صراع الأقزام

 

ناموا ولا تستيقظوا،

 ما فاز إلا النوام.

ودعوا الفهم جانبا، 

  فالخير ألا تفهموا.

تخلفوا ولا تتقدموا، 

 إن التقدم محرم.

العبوا وجدوا في الهزل،

 إن الهزل من شيمة الأمم.

 

أجد نفسي قزما حقيرا لأنني اضطررت اضطرارا لأتكلم عن قزمين تناطحا فماتا معا. أختصر الكلام وأقول لهذين القزمين: لا يشرفنا انتمائكما لنا.

يا حسرة على العباد.

من يصدق أن مباراة لكرة القدم ستتحول بفعلة فاعل إلى معركة حقيقية على المستطيل الأخضر بين دولتين في حجم مصر والجزائر؟

أليس فيكم رجل رشيد؟

قبل وأثناء وبعد المباراة، استعد الطرفان لمعركة حقيقية ليستلا ما عساه بقي عالقا بين أسنان الفرزدق وجرير. هذا يدعو إلى قتل الجزائريين في القاهرة، والآخر يتمنى تشجيع “فريق تل أبيب” عندما يلعب ضد الجزائر، وذاك يتلف ممتلكات “العدو” في الجزائر. تظاهرة شعبية حاشدة هنا وهناك أمام سفارة “العدو”. أما كان أجدر بهذا القطيع أن يتوحد ويتجه نحو سفارة العدو الصهيوني، ويتجه نحو سفارة الجوع والفقر والتخلف الموجودة في كل مكان من البلدين.

لا بأس، لعل أجمل شيء في تلك المعركة هو أن كلا من القزمين متساويان في مرتبة الفساد (يشتركان المرتبة 111).

ذهب وفد من كربلاء إلى مصر لملاقاة الشيخ كشك رحمه الله قاطعين مسافة طويلة من أجل ذلك.  وصل الوفد وأخبروا الشيخ أنهم قادمون من كربلاء ليسألوا عن قضية في غاية الأهمية: ما حكم من قتل ذبابة وهو في حالة إحرام؟ ما أن سمع الشيخ الجليل السؤال حتى غضب غضبا شديدا. أجابهم الشيخ: عودوا إلى كربلاء سلط الله عليكم كل كرب وبلاء.

وفي الحكاية الشعبية المغربية الساخرة ما يختزل فصول هذا الصراع. يحكى في قديم الزمان أن رجلا فقيرا عاريا جائعا أشعتا أغبرا سأل عن حاجة له لتقضى له. بدل أن يسأل عما يسد به رمقه طلب خاتما ليزين به أصابعه التي تبدلت ملامحها من كثرة الأوساخ. ومن شدة عجب الناس من أولويات هذا الرجل الفقير، أصبحوا يتهامسون بينهم قولة مأثورة معبرة جدا: “أش خصك ألعريان؟” بمعنى: خاتم الزينة هو آخر شيء ينبغي أن تفكر فيه أيها الفقير العاري، أولى بك أن تفكر فيما يشبع معدتك ويستر عورتك. نذكر هذين القزمين المتناطحين أن آخر شيء ينبغي أن يفكرا فيه هو الظفر بكأس العالم لكرة القدم. أنسيتما أنكما مجرد قزمين أنهكهما التخلف والفقر؟ أم نسيتما أن لكما أمة مكلومة مجروحة تنتظركما؟ هل لمجرد التأهل لكأس العالم أصبحتما عدوين كالدجاج الذي يأكل بعضه بعضا من قلة الطعام؟

دعوها فإنها منتنة، الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.

في ظل كل هذا الانحباس والتخلف تلجأ هذه الأنظمة إلى لعبتها المفضلة في تخدير شعوبها وإلهائها عن الهموم الحقيقية بإهدار الطاقات والأموال من أجل فتات كأس العالم. الآن ندرك جيدا أن الرياضة، خاصة كرة القدم، هي المتنفس الوحيد لهذه الشعوب المكبوتة سياسيا. كما ندرك أن الرياضة لا يمكن أن تكون استثناء، كل تفاصيل حياة هذه الشعوب طالتها الأزمة: الحكم، الاقتصاد، التعليم، الصحة… هذه هي سيكولوجية الإنسان المقهور كالنعامة التي تظن أنها نجت من الخطر بمجرد غمس رأسها في الرمال. فأي انتصار، ولو في كرة القدم، يمكن أن يحققه هؤلاء الأقزام وهم يعيشون زمن الهزيمة الشاملة و التخلف الشامل؟ ﴿فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾[المؤمنون:53]

ارحموا عزيز قوم ذل، وترحموا على القزمين الذين ماتا وهم يحاولون أن يصبحوا عمالقة. نشكركم على صبيانيتكم أيها الأقزام ونعزي أمتنا فيكم. أجارنا الله في مصيبتكم وأخلفنا خيرا منكم.

 

 

                                                                                                                                   أحمد دخيسي

يا أمة ضحكت


 

                        يــــــــــــاأمة ضحكت …

 

? احمد دخيسي

 

 

 

إن للأمم آجالا وأجل كل أمة يوم يكون تعليمها مترديا وعائقا حقيقيا أمام التنمية من حيث يجب أن يكون محركها الأساسي. بفضل الإسلام، وهو دين العلم، تحولت أمة الشعراء إلى أمة العلماء. لا عجب، فأول ما نزل من القرآن الكريم كان { اقرأ باسم ربك الذي خلق } فضلا عن آيات لا تعد ولا تحصى تجعل من العلم والتعلم واجبا مقدسا ونبراسا على طريق التقدم { يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا في أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان } ( الرحمن، 33) 

 

كان التعليم ولا يزال عصا في يد الأمم المتحضرة تحارب بها أفعى التخلف. في هذا الصدد، يمكن اعتبار التجربة الماليزية في التعليم فريدة من نوعها في العالم الإسلامي. فقد استطاعت الدولة الماليزية أن تبني منظومة للقيم تؤطر التوجه العام للتعليم بالبلاد وتبني فلسفة تربوية توفق بين التفوق العلمي والحفاظ على الهوية الإسلامية، وهو الأمر الذي فشلت فيه أغلب الدول الإسلامية فشلا ذريعا التي لم تستطع بناء تعليم قوي واكتفت بالتعليم المشوه الذي ورثته من الحقبة الاستعمارية.

 

انهالت التقارير من مصادر مختلفة، كما ينهال الدود على الجثة، واصفة النظام التعليمي في الدول العربية بالمتأزم. فقد صنف التقرير السادس للبنك الدولي حول التنمية البشرية الدول العربية في ذيل ترتيب الأمم. و صنف أربع دول (المغرب، جيبوتي، اليمن والعراق) في المراتب الأخيرة لكونها تتوفر على نظام تعليمي سيء. هذا ما ذهبت إليه أيضا دراسة “التعليم للجميع” التي وقفت على بعض ملامح الوضع الكارثي لقطاع التعليم بالمغرب. حسب الدراسة، 16 % فقط من تلامذة الرابع ابتدائي يستوعبون المعارف الأولية. كما أن أكثر من 380 ألف طفل غادروا المدرسة قبل بلوغهم سن الخامسة عشر (سنة 2006). بدورهم تلامذة الثانوي حصلوا على نتائج هزيلة في الاختبار الدولي للرياضيات حيث حصلوا على المرتبة 40 على 45. أضافت الدراسة أن 60 % من المدارس الموجودة بالأرياف غير مرتبطة بالكهرباء، و 75 % منها غير مرتبطة بالماء.

 

مشكل التعليم بالمغرب لا يقتصر على الأسلاك الأولى، بل التعليم العالي (الجامعات والمعاهد العليا)، الذي يفترض  أن يؤسس للبحث العلمي، يعاني أيضا من الهشاشة رغم “الإصلاحات” و “المخطط الإستعجالي”. نشعر بالدونية عندما نطلع على تصنيف جامعاتنا التي نعتبرها منارة للعلم والبحث، فقد صدرت في يوليوز 2009 التصنيف العالمي للجامعات والمعاهد العليا في العالم. فيما يلي تصنيف بعض الجامعات المغربية على الصعيد الإفريقي، العربي والعالمي:

 

 

 

المؤسسة

الترتيب الإفريقي

الترتيب العربي

الترتيب العالمي

جامعة الأخوين بإفران

19

25

3653

جامعة القاضي عياض بمراكش

21

28

3956

المدرسة المحمدية للمهندسين

33

36

4618

كلية العلوم بالرباط

37

39

4759

جامعة عبد المالك السعدي بطنجة

39

41

4866

جامعة الحسن الأول بوجدة

53

54

5950

معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة

55

58

6268

جامعة محمد الخامس السويسي

67

73

7042

جامعة ابن زهر بأكادير

72

84

7597

جامعة محمد الخامس أكدال

75

91

7841

كلية الطب والصيدلة

80

95

8024

 

 الدول العربية الأخرى ليست أحسن حالا، فأحسن 200 جامعة في العالم لا توجد منها واحدة عربية. تجدر الإشارة إلى أن الترتيب العالمي تتصدره الجامعات الأمريكية (جامعة هارفرد صنفت كأحسن جامعة في االعالم للمرة السادسة على التوالي). الجامعات والمؤسسات الأمريكية التي احتلت مراتب متقدمة جدا في التصنيف هي: جامعة هارفارد، المرتبة الأولى – ستانفورد، المرتبة الثانية – جامعة كاليفورنيا بريكلي، المرتبة الثالثة – معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، المرتبة الخامسة – جامعة كولومبيا، المرتبة السابعة – جامعة برنستون، المرتبة الثامنة – جامعة شيكاغو، المرتبة التاسعة.

 

التقرير العالمي لتصنيف الجامعات ذكر أيضا أن 55 جامعة أمريكية احتلت مراتب جيدة في المائة الأولى الأفضل في العالم. يستند التصنيف إلى معايير أهمها الأعمال العلمية التي تنشرها الجامعة وعدد خريجيها الفائزين بجائزة نوبل.

 

بدوره تقرير المعرفة العربي  2009 الصادر مؤخرا وقف على ملامح النظام التعليمي العربي. حسب التقرير:

  • لا يزال أكثر من 60 مليون أمي في الوطن العربي لا يعرفون القراءة والكتابة.
  • 9 تسعة ملايين طفل في سن التمدرس هم خارج أسوار المدارس.
  • 40 % من الشباب في سبعة بلدان عربية لا تتجاوز عتبة التعليم الابتدائي
  • 45 % من الدارسين بالخارج لا يعودون لأوطانهم ويفضلون الاستقرار بالغرب

 

كما وقف التقرير على الوضع الكارثي للثقافة والمعرفة في الوطن العربي حيث أن كتابا واحدا فقط من نصيب 19150 مواطنا عربيا مقابل كتاب واحد لـ 461 مواطن في انجلترا. أما عن الفجوة الرقمية بين الغرب وبين أمة اقرأ فحدث ولا حرج. مثلا، في مصر 38 شخصا فقط من ألف يتوفرون على حاسوب. تذكر هذه المأساة بموقف الكاتب القصصي أحمد بوزفور الذي رفض جائزة وزارة الثقافة معللا ذلك بقوله: ” أخجل من تلقي جائزة عن كتاب طبعت منه 1000 نسخة ولم توزع منه سوى 500 نسخة على شعب من 30 مليونا.” وفي الوقت الذي بلغ فيه متوسط القراءة في أمريكا حوالي 200 ساعة سنويا، لا يتجاوز هذا المعدل عربيا 6 ساعات فقط.

 

الغريب في الأمر أن هذا الجمود المعرفي يقابله تناسل فطري للمقاهي المنتشرة في كل مكان والتي تعج بالناس صباح مساء غير آبهين بما حل بعقولهم ووطنهم وأمتهم.

 

تعددت التقارير والتوصيف واحد: الفشل، الكارثة، الإحباط… وما شئت من مفردات الأزمة وأخواتها. السؤال الجوهري هو: هل هناك إرادة سياسية للإصلاح؟ خاصة إذا علمنا أن 7.2 % من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية يذهب إلى التسلح. على سبيل المثال، أنفق العراق لوحده قبل الاحتلال في الفترة ما بين  1985 1990 على تسلحه: 120 مليار دولار أمريكي، أي نسبة 256 % من إيرادات النفط. رغم كل ذلك لم تشفع كل تلك الأموال للجيش العراقي أمام الجيوش الأجنبية التي اجتاحت العراق. وفي عام 2001 أنفقت السعودية على التسلح 24 مليار و 266 مليون دولار أمريكي. ترى ما فائدة تلك الجيوش إذا كانت تصرف عليها الأموال الطائلة و لا تستطيع تحرير أراضي الأمة المحتلة؟ ما فائدة تلك الجيوش إذا كانت تصلح فقط لقمع المواطنين؟ ما فائدة تلك الجيوش إذا كان تعليمنا يخرج “متعلمين بالمواصفات الرمادية” لا هم متعلمون ولا هم أميون؟

 

كل تلك المبالغ الخيالية التي تصرف على التسلح العشوائي تحرم منها قطاعات حيوية وإستراتيجية في مقدمتها التعليم. عار أن يفوق الناتج المحلي الإجمالي لدولة واحدة مثل اسبانيا (595.5 مليار دولار) ناتج الدول العربية مجتمعة (531.2 مليار دولار).

 

على سبيل الاستنتاج، هناك علاقة وطيدة بين المعرفة والتقدم والحرية المسؤولة. لا يمكن أن يكون هناك تقدم علمي في ظل الانحباس السياسي. فالمدرسة ما هي إلا مجتمع صغير يتأثر بالمحيط الاقتصادي، السياسي والاجتماعي للمجتمع الكبير. لا يمكن لهذه المدرسة أن تخرج نشئا صالحا إذا كانت البيئة الاقتصادية، السياسية والاجتماعية فاسدة.

 

لابد من بلورة مشروع جامع يؤسس لدور ريادي للمدرسة ويكون مدخلا للإصلاح الشامل. وإلا ستبقى المدرسة مجرد أداة أيديولوجية لإعادة إنتاج الإنسان المعطوب والمجتمع المعطوب.

 

يا أمة  ضحكت من تعليمها الأمم، يا أمة لعبت بتعليمها لعب الصبيان في الأوحال، هذا وقت الجد. نومك أعمق من نومة أهل الكهف. هذا زمن العلم، لا مكان فيه للجهلاء.

 

احمد دخيسي

 

 

رسالة إلى الشاعر الأندلسي ابن زيدون


01

رسالة إلى الشاعر الأندلسي 

ابن زيدون

 

 

 

عزيزي ابن زيدون

أدام الله عزكم وأعلا علياءكم وجعلكم للعلم والسؤدد والكرم موئلا، والحمد لله على كل أمر وحال، وبعد،

شاعري العزيز:

دعني أسائلك: بالله عليك كيف نسيت خلا أوجعه من الدهر ما أوجعك وأقض مضجعه ذكرى أقضت مضجعك ، فكيف تناسيت من كان في القلب معك، والليالي كتمت أنفاسها كي تسمعك، فغربتي بعدك يا خلي أمست في ازدياد، فكم أعطيتُ من حب لقلوب أجدبتْ. فيا طيب الحب قل لي أترى قد فات الأوان، أم أني أمضي في غاب لم يعد للنفس فيه مكان.

خليلي المحترم:

إني أعلن لك في الجهر اعتزالي، لكنني في السر أتسلى بالخيالات وأوزان الخليل، فعصرنا زيف ورماد، ولم يعد للحب فيه مكان، فقد ضيعتُ يقيني ونما ظني وشكي في زمن أضحك العبد وأذل الحر، لقد جئتُ محموما لأشفي غليلي قبل انقراضه، غير أنه كل ما هج بي الشوق وفاض أغلقوا دونيَ الأبواب وتلقاني اعتراض، فأعود مأزوما ويتيه الفكر في ألف افتراض، فيا شاهد المجد والإشعاع، إني أزحف إليك لتقف وتتأمل خنجر الأجداد كيف أمسى في يد اللئام، فهذه ولادة تستجديك وتتوسل إليك بابن عبديس وابن زنباع الخطيب، فأعرها منك لحنا وهديلا قبل أن تنهض بئيسة ذات صباح، أم أنت لا حبا تدري ولا ولادة واحدة تستكفيك! فيا أيها الشاعر: إننا خلدنا في نظمنا ما لا يستحق التخليد، وقد سُئلتُ ذات يوم عن مهنتي فقلت: سلوا أسوار المدينة، فأنا لليل حارس وللسهد رهينة، اتخذت الدهر لي خصما زمنا طويلا أتلقى عنكم أيها الأجلاف الأوجاع الحزينة، وأنا غير مأجور، استفرغت كنز الذات حتى كدت أهدم، وأنا الناطق بكل اسم حين يلجم اللسان، ولست أندلسيا لا بالانتماء ولا بالتبني فيا رفيق الدرب علمني كيف أقرأ الشوق على الجبين وكيف ينفذ الوميض إلى القلب ليوقظ الشمس، فقل أيها الشاعر لولادتك: إني نفضت أطياف الكرى وبحثت عنكَ طويلا في الثرى، لأدعوكم جميعا لمائدتي هذا المساء.

حياكم الله وأسعدني برؤيتكم وزادكم عزا وعلياء وحرس دينكم في آخرتكم والله ولينا في السر والعلانية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في انتظار جوابكم تقبلوا مني أزكى التحيات.

أخوكم زايد جرو- تنغير

إضاءة:  – ابن زيدون شاعر أندلسي اشتهر بحبه لولادة بنت المستكفي، توفي سنة 1070م.

– ابن عبديس وابن زنباع وابن الخطيب شعراء أندلسيون. 

حتى أنت يا عباس..


 

clip_image002حتى أنت يا عباس..!

أحمد دخيسي

 

“يا أيها الناس، قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأطيعوني

وإن أسأت فقوموني. الصدق أمانة والكذب خيانة والضعيف فيكم

قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله. والقوي فيكم ضعيف

عندي حتى آخذ الحق منه. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله،

فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم.”

 الخليفة أبو بكر الصديق، رضي الله عنه

 

 

نقرأ في الأسطورة اليونانية أن هرقل لبس ثوبا أهدي إلى زوجته ديانيرا. قيل إن ذلك الثوب أو القميص فيه سحر الحب وعبق العشق لكن هرقل المسكين لم يكن يدري أن القميص مسموم. لبس هرقل القميص ليعشق أكثر زوجته ديانيرا فتسمم ومات من حيث لم يدر أن السم في الدسم. مات هرقل عاشقا مسموما.

 

ونقرأ في أسطورة الحكومة العربية المحترمة جدا كيف لبس الحاكم العربي المبجل نفس قميص هرقل ليزداد عشقا هو أيضا. الفرق البسيط ربما هو أن هرقل لبس القميص ليعشق أكثر زوجته بينما الحاكم العربي المبجل الذي لا يمكن أن يخطأ لبس القميص ليعشق أكثر أريكته التي عليها عرشه. الغريب كيف توافقت الطباع بين الحاكم المبجل والرعية الوفية، فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر اختلف. كلما زادت متعة الحاكم المبجل بطغيانه ازدادت متعة الرعية الوفية بخضوعها.

 

فما في سطوة الأرباب عيب  ***  وما في ذلة العبدان عار

 

قيل لنا إن الانتخابات الرئاسية ستنظم الشهر المقبل، وقيل لنا أيضا إن سيادة الرئيس سيفوز بالانتخابات ويحصل على جميع أصوات الشعب سواء الذين صوتوا أو الذين لم يصوتوا. مهلا لا تستغربوا، فمن يستطيع الترشح لينافس سيادة الرئيس وشرطة الأفكار تنتشر بكثافة حول كل مداخل الجمجمة؟ بل من يتجرأ ويحلم ليصبح رئيسا وشرطة الأحلام تفرض رقابة قبلية صارمة على اللاشعور؟

 

مهما يكن، حتى لو تعدد المنافسون لسيادة الرئيس، فلن يفوز إلا سيادة الرئيس لأنه أكملهم دينا وعقلا وأفضلهم على الإطلاق. ببساطة لأن رعيته الوفية تحبه حبا جما ولا تستطيع أن تعيش بدونه. لن يستغنون عن توجيهاته السامية حتى بعد وفاته. تبا لهذا الموت الذي يحول بين سيادة الرئيس ورعيته الوفية.

 

والله يحير الإنسان، حتى أشطر خبراء القانون الدولي والوطني والشرعي والعرفي، أين يصنف الرؤساء العرب: في خانة الملوك؟ الرؤساء؟ آلهة بشرية؟ أم في خانة المؤساء (خليط بين الملوك والرؤساء)؟ فأقلهم شعبية يفوز “بالانتخابات الرئاسية” بنسبة لا تقل عن تسعين بالمائة.

 

حتى أنت يا عباس،

 

انقشع الغبار بعد طول انتظار فظهر عباس الفارس المغوار يصول ويجول بسيفه البتار، يضرب ذات اليمين وذات اليسار والويل لمن بيده أشار. أعلن عباس بعد طول تأمل وانتظار عن عدم ترشحه “للانتخابات الرئاسية” لكن عشيقته اللجنة المركزية (التي يعشقها كما يعشق هرقل ديانبرا) تترجاه ليتراجع وتقول إنها المرة الأولى (والأخيرة طبعا) التي اتخذ فيها سيادة الرئيس قرارا غير صائب بعدم الترشح للرئاسيات التي سيفوز بها حتما.

 

حتى أنت يا عباس،

 

تأبى إلا الانضمام إلى إجماع “الرؤساء” العرب لتكون أفضل رئيس لدولة فلسطين (عفوا لمقاطعة رام الله).

 

حتى أنت يا عباس،

 

تتمتع بتقبيل ليفني، رايس وكلنتون وتخجل من مصافحة مشعل لأنة “أمير إمارة الظلام في غزة.”

 

هنيئا لكم سيادة الرئيس.

وجع التذكر


وجع التذكر

01

…تبدو المدينة رابضة في العياء والاجترار… والليل يعلو… والأشياء تتابع… والأشجار ترتجف وترتعد حيث يمتد التاريخ المظلم الطويل، ولا ترى غير خطى وئيدة تحت أجنحة متكسرة و جزءا من عالم ترهل وشاخ يظهر يوميا بنصف وجه عار وقديم، لم يستطع مغالبة البؤس الأبدي وعجز السنين لإعادة الأشياء لغير عفويتها وإبعاد الخطاطيف الرافضة لتوديع النهار، ففرَّتْ الشهور القريبة والبعيدة وتعرى الصمت، وماتت كل المعاني العميقة ولم ينته الوجع.

فانغمرت في معانقة القلم والقرطاس لأرسم لوحة تسكنني وأحيي أشياء راحلة أخطأت موعدها بداخلي، فلزمت الغرفة شهورا عديدة، شعرت بالخارج تافها بلا جدوى، عدوانيا أو لا مباليا… كلما خرجت أعود منهكا مريضا، فتعودت على موت بطيء غير متناه، قاومت القهر بصلابة ورقادا تجمع على الجسد بعد أن كافحت نصف الحياة، أخترتُ أن أكون مشلولا في عزلتي وأن أكون قويا في المصطلحات لحل إشكالية التشكيل، لأحارب الفقر في النهار وأغزل الحروف بالليل لأنتقم من الجهل الذي بدأ ينمو بداخلي شيئا فشيئا: الموت في كل شيء، موت اجتماعي ونفسي، والإنسان يعيش كمن يطلب من القنديل أن يضيء لأن حجم الظلام من حوله كثيف، رفضت أن أرى نفسي تتفتت أو تضمر لكوني عملت منذ تعلمت التحكم في لجام الحصان، منذ استطاعتْ أن تحمل يداي أي شيء، فتكلمت لأثبتَ أشياء مجهولة تدفعني للكلام، وأكف عن الصراخ بداخلي بأقصى عنف ممكن، أثبتُّ ذاتي للضعيف والمعوق والسليم والقريب والبعيد تمسكت بالدمعة اليتيمة بجسدي فتسللتُ إلى العيون استرق السمع ولم أقبض إلا على ومضات جائعة.. أحببتُ  الأمورَ البشيرة بعنف فأحرقت ما تبقى من الأمل تحت جبال أحرقت جفون عيونها بكاء. فلم أعد أملك حبة واحدة لا من الزمن ولا من العدم، فصرت أنزف ديدانا وثعالب وغربانا… تسللت ومن جديد خارجا.. خانتني عضلات وجهي في الضحك. فلم أغالب البؤس ولا الأحلام الصغيرة جدا جداً. ولا ما يتموج في الصدر… تشابكت الأشياء في الذاكرة… نزعت الصمت من نفسي وخرجت مفتشا عن وجه آخر… استسلمتُ لخطواتي… توقفت قليلا مدهوشا بكل هذا العالم الذي يأتي زاهيا وعاصفا… أغرقت في التأمل فتصاعد بخار الدمع ولم أسمع غير قدري يقرع الأبواب.. لقد غاب النشيد بباب المدينة فصرتُ أعصر من الألم شرابا وصحوتُ على واقع أنهك الحي والميت… فطاردني الزمن وأرقني البين وأذابني حلم التباعد فحفرت قبراً بجلدي وتعلمت أن الأشياء لا تولد إلا من الأهوال وسيكون لزاما عليَّ الرحيل بلوحة وحذاء وبقايا أجساد وست وأربعون عاما خاوية وزادي فيها حبر وخبز وماء وصراع…

ذ. زايد جرو، تنغير


خسارة الأمة في عقولها

لم يعد من المستغرب أن تندهش لنسبة القراءة التي تراجعت بشكل مخيف, حيث وصلت إلى 2 في المائة حسب إحصائيات أخيرة لمكتب الدراسات الديمغرافية و الاقتصادية و القانونية و الإحصائية * ايدسا * التي تمت بإيعاز من وزارة الثقافة المغربية.

و مرد دلك كم المنتوج الثقافي و الفكري لهدا البلد في ظل استمرار مسؤوليه و صانعي القرار فيه على عدم دعم ترويج الكتب بداية من طبعها و نشرها و توزيعها. و قلة تشجيع المؤلفين و الكتاب على التأليف و الكتابة و الإبداع من خلال إقامة  المعارض و الأندية و المنابر التي تحتفي بالكتاب على جميع الأصعدة , و بث روح المبادرة و الإقدام في روح الشباب عبر برامج تحسيسية و جوائز تقديرية مادية كانت أو معنوية.

و حتى نتعدى العتبة المخجلة و المؤسفة التي لا تتعدى 1500 نسخة بخصوص توزيع الكتب * في أحسن الأحوال* أصبح من الملح أكثر من أي وقت مضى أن يقف الفرد وقفة يساءل نفسه عن مخارج لهده الأزمة الثقافية دون أن ننسى أن القراءة هي الوسيلة الأنجع للتحرر من الهيمنة و الاستغلال .

لكن الغريب في الأمر هو أن لوزارة ثقافة هدا البلد عشرات الألوان الفلكلورية و الغنائية بل و تجد أن لكل منطقة فرقا عدة و خليطا من الغناء و الرقص في تزايد مدعم مستمر و استنساخ ممل قد يضطر الباحث معه إلى إحصائه حتى لا يتفلت له كل لون من هده الألوان.

أما بخصوص المهرجانات فقد صار لكل مدينة مهرجانا خاصا بها وقد ضاهينا بدلك دول عدة في بلد واحد في حين تجد هده المدن أو بعضها يفتقر لأدنى متطلبات الحياة الكريمة ولا داعي لذكر تلك المتطلبات التي صار الشارع المغربي يعرفها و التي تتدكر كلما حل موسم الانتخابات.. ولعله مهرجان من قبيل تلك المهرجانات حيث سقف المتطلبات عند المغاربة لا يفوق تبليط الأزقة و تعبيدها و تزويدها بقنوات الصرف الصحي و الماء والكهرباء.

ادن يتبدى جليا ما يسارع المسؤولون إلى دعمه و التنويه به فهم لا ينفكون يباركون دعاة الترفيه , دعاة يجتهدون في فن الهاء و استغفال الأمة عما ينفعها . يروجون لسلعة متهرئة , رديئة , مستهلكة , تافهة .. يهيئون لها من الدعاوة ما يشغلون به عقول الناس رغم ضآلتها و انحرافها و جعجعتها و انتفاشها..

فقلما أضنى إعلامنا نفسه الاحتفاء بأحد رموز الفكر و الثقافة ببلدنا. إعلام ينكر على الفرد قدرته على الإبداع و الخلق. إعلام نسأل الله أن يعفو عن مسؤوليه.

أومن إيمانا عميقا بأن الإنسان حباه الله بقدرة عظيمة , مبدعة على تغيير أحواله المتردية إلى الأحسن , على تنوير دروب الأمة , على ضمان عزة الإنسان. لكن دعاة التنوير في هدا البلد يضيق عليهم الخناق هنا وهناك. فلم يعودوا يحضون بنفس الاحترام الدي كانوا عليه من قبل حيث كان المجتمع ينظر إليهم بهالة من الإجلال و الإكبار نظرا للرسالة التوعوية التي كانوا يؤدونها. وأقصد بدعاة التنوير كل الأقلام الشريفة التي تنكر المنكر وتعرف المعروف من بابه الواسع, أقلام تذكرك بإنسانيتك , بتكريم الله لك , بتسخيره مخلوقاته لك ,أقلام توقظ لديك الإحساس بالمسؤولية اتجاه نفسك والآخرين , أقلام ترفع كرامة الإنسان ولا ترديه إلى جاهليته.

كتبها أبو الياس * تيفلت *

عيـن على المراهقة والشباب


عيـن على المراهقة والشباب

 clip_image002

احمد دخيسي

التربية هي التنمية والتهذيب والتقويم هدفها الأساس تغيير الإنسان على الطريقة النبوية، أي المنهاج النبوي الذي سلكه النبي صلى الله عليه وسلم في تربيته لجماعة المسلمين الأولى. بناء الإنسان وإعادة بنائه، خاصة الذي أسيئت تربيته، أصعب من بناء العمارات والبيوت. فعندما نبني الإنسان بناء سليما فإننا نبني المستقبل، لذلك فأي خلل في التربية هو خلل في الإنسان. مشكلة التربية اليوم أننا نعيش في مجتمع مفتون، فهناك المدرسة، الشارع، التلفزة، الانترنيت… كل هذه العوامل عقبات أمام التربية خاصة تربية النشء.

 1- المراهقة:

استعمل مفهوم المراهقة كثيرا في علم النفس ومجال التربية للدلالة على خصوصية تلك المرحلة العمرية وحساسيتها من بين المراحل الأخرى من حياة الإنسان. فما حقيقة تلك المرحلة؟ وكيف ينظر الإسلام إليها؟ حسب علم النفس في الغرب، تشمل فترة المراهقة مرحلتين: الأولى فيزيولوجية (تتعلق بالتغيرات التي تطرأ على جسم الإنسان) والثانية نفسية اجتماعية (تشمل المشاعر والأحاسيس والعلاقة مع المجتمع) حيث تكون هناك أزمة يعيشها المراهق مع أسرته ومجتمعه بشكل عام بسبب تلك التغيرات. هذا يدفعنا إلى التساؤل التالي حول طبيعة هذه الأزمة: هل هي صفة ملازمة بالضرورة للتغير البيولوجي؟ يجب التأكيد أولا أن موضوع النقاش ليس التحولات البيولوجية بحد ذاتها لأنها حقائق عامة وثابتة مشتركة بين البشر، إنما الموضوع هو تلك السمات التي يقال إنها ملازمة لمرحلة المراهقة. بالتالي، فتلك المواصفات النفسية لا يمكن اعتبارها سنة كونية تعرفها كل المجتمعات لأن الأزمة التي يمكن أن يمر منها المراهق ترتبط بطبيعة المجتمع الذي يعيش فيه وليس بعملية نمو المراهق. في المجتمع الإسلامي مثلا، هناك قواعد وإرشادات توفر للفرد في كل مراحل حياته، بما فيها مرحلة المراهقة، الملاذ المعنوي والمحضن الاجتماعي مما لايسمح بظهور أعراض القلق والضياع النفسي. هذا يعني أن سمات المراهقة ليست مرتبطة بالنمو البيولوجي بل بالإطار الفكري، الأخلاقي والقيمي للمجتمع الذي يعيش فيه المراهق. لذلك نجد المراهقة وأزمتها ملازمة لمجتمعات بعينها وليست حالة إنسانية عامة. تكرست أزمة المراهقة في المجتمعات الغربية بسبب المناخ الاجتماعي الذي يغذي تلك الأزمة حيث إن تلك المجتمعات تعيش حالة من التناقض المأساوي بين الوفرة المادية والفقر الروحي، بين التقدم الاقتصادي والانهيار النفسي، بين التفوق العلمي والتفسخ الأخلاقي. طبعا كانت هناك محاولات للاهتمام بالمراهق (لباس خاص، موسيقى خاصة…) إلا أن ذلك لم يحفظ له توازنه النفسي بل زاد من عزلته وصراعه مع المجتمع لأن تلك الخصوصية التي منحت له كانت بدافع استهلاكي. بالتالي تكون المجتمعات الغربية، من حيث لا تدري، استنزفت مراهقيها بإبقائهم مدة أطول في مرحلة المراهقة مما حول حياة المراهق في تلك المجتمعات إلى عبثية ولا مسؤولية. حتى التشريعات تؤكد ذلك، فالقضاء حدد سن المسؤولية في الثامنة عشر أي أن المراهق يصبح مسؤولا عن أعماله. كما يحق لوالديه الامتناع عن رعايته والإنفاق عليه في هذه السن. أضف إلى ذلك حق المراهق مقاضاة والديه إن هم ضربوه، ويحق له مغادرة البيت وقت ما يشاء إلى حيث يشاء. ومما يزيد في تعميق هذه الأزمة أكثر الدعوات الفكرية والفلسفية التي تجعل من حرية الفرد مبررا كافيا لتبرير جميع رغبات المراهقين. إذا كانت هذه هي حالة المراهق في المجتمعات الغربية، فكيف ينظر الإسلام إلى تلك المرحلة؟ هل يسمح الإسلام للفرد ببضع سنوات من العبث؟ أم أنه يحتضنه في كل مراحل حياته من مهده إلى لحده؟ النظرة الإسلامية إلى الإنسان لا تقتصر على الأدبيات الشائعة في الميدان النفسي: طفولة، مراهقة، كهولة، شيخوخة بعدها تنتهي الحياة، بل تحدد الدور الإنساني في شموليته وعدم تجزئته بين الدنيا والآخرة. فمراحل عمر الإنسان في المنظور الإسلامي تأتي وفق أدوار معينة منسجمة مع أهداف الرسالة الأساسية للإنسان في خلافة ربه على الأرض. إن الإنسان في المجتمع الإسلامي عند مرحلة البلوغ يضطلع بأدوار اجتماعية وتعبدية متزامنة مع نموه البيولوجي. هذا البلوغ في المجتمع الإسلامي ليس بداية ما يسمى بالمراهقة في المجتمع الغربي، إنما هو حد فاصل بين مرحلتين أساسيتين: مرحلة التكليف ومرحلة ما قبل التكليف. المرحلة التي تسبق البلوغ هي إعداد وتأهيل الفرد ليقوم بالأدوار المترتبة عن التكليف. مع العلم أن البلوغ ليس فقط القدرة على ممارسة الوظيفة التناسلية فقط، بل إدراك أن تلك القدرة الجنسية لاتخضع لسلطان الهوى والحرية الشخصية بل لقوة التشريع السماوي في إطار فقه الحلال والحرام. المنهج التربوي الإسلامي فريد في تعاطيه مع الإنسان، كل مرحلة من مراحل العمر هي مدخل للمرحلة التي تليها. من هنا يظهر جليا التناقض الجوهري بين التصور الإسلامي و التصور النفسي الشائع. فبينما يعتبر الثاني البلوغ مرحلة مراهقة وعبث، يعتبرها الأول مرحلة تأديب لطيف وإعداد للمراحل القادمة من عمر الإنسان الذي من عادته أن يشيب على ما شب عليه. المنهج التربوي الإسلامي يضمن التوازن في السير التربوي للفرد، لا يعامله كطفل قاصر ولا يتركه يتيه بدون إرشاد. وهذا يضمن سلامة وتوازن الفرد في انتقاله من مرحلة عمرية إلى أخرى. على سبيل الاستنتاج، ليس هناك تلازم حتمي بين النمو البيولوجي للإنسان وبين أزماته النفسية والاجتماعية. يبقى النظام المجتمعي هو الأساس: إما أن يحتضن الإنسان في مراحل حياته ويوفر له عوامل الاستقرار وإما أن يفتح له باب الحرية الشخصية المطلقة التي تزج بالإنسان، خاصة المراهق، في أحضان البهيمية واللاأدرية.

 2- الشباب:

في حياة كل الشعوب يشكل الشباب القلب النابض للمجتمعات، لأن الشباب هو أهم مرحلة من العمر. فالإنسان يولد ضعيفا (مرحلة الطفولة) وينتهي ضعيفا (الشيخوخة)، لكن بين الضعفين توجد مرحلة قوة: الشباب { الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير} (الروم، 54). لذلك أعطى الإسلام أهمية قصوى لمرحلة الشباب ودورا محوريا للشباب في الحياة. أكد النبي صلى الله عليه وسلم على أن الإنسان سيحاسب على مرحلة شبابه بالضبط “لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله فيما اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به.” لذلك فأفضل الإنجازات التي يمكن أن يحققها الإنسان في حياته يحققها وهو شاب يافع، ومن ضيع مرحلة شبابه فهو لبقية عمره أضيع؛ “اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، صحتك قبل سقمك، فراغك قبل شغلك، شبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك.” في المغرب مثلا، حسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط 2004، يطغى الشباب على الهرم السكاني:  76 من السكان لهم أقل من 35 سنة منهم 53  لهم أقل من 20 سنة. هذا يدل على أن الساكنة شابة بإمكانها أن تلعب دورا حاسما في تنمية مجتمعها إن أحسن توجيهها. للأسف الشديد، الواقع المرير الذي يعيشه الشباب اليوم يستنزف المجتمع ويهدر طاقاته. 74  من الشباب القروي يعاني فقرا مدقعا، 7.7  من الشباب الذي لا يتوفر على أية شهادة عاطل عن العمل بينما نسبة البطالة في أوساط حاملي الشهادات المتوسطة تصل إلى 28  لترتفع إلى 61.2  لدى حاملي الشهادات العليا. أخطر من ذلك، أغلب حالات الايدز المسجلة، حوالي 20 ألفا، مست الشباب إذ أن 25  من الحالات المصرح بها أصابت الفئة العمرية ما بين 15 و 29 سنة، و 44  أصابت الفئة ما بين 30 و 39 سنة. ناهيك عن معضلة المخدرات حيث 13  من ميزانية الشباب تستخدم لاقتناء المخدرات. هذه العوامل، وهي مجرد غيض من فيض، جعلت الشباب ينشغل عن تنمية مجتمعه بأمور أخرى جعلت خياراته المتاحة تنحصر بين سيء وأسوء. النتيجة شباب يائس ضائع لامبالي انهزامي ومتهرب من المسؤولية. وتزداد الأمور تعقيدا للشباب في غياب مبادرات رسمية جادة لدمجه، فمن لم يقمع في مظاهرات العاطلين عن العمل تصطاده شباك التمييع الممنهج (أستوديو دوزيم، ستار أكاديمي، القدم الذهبي، المهرجانات، المسلسلات المكسيكية والتركية …) كل هذا يكرس ثقافة الإحباط لدى الشباب أو في أحسن الأحوال اللامبالاة والنظر إلى مرحلة الشباب على أنها لهو ومرح وليست مرحلة البناء والتكوين.

خلاصة :

العامل الحاسم في عملية الإصلاح هو التربية. ضعف التربية يعني غياب المناعة ضد الأمراض الاجتماعية. التربية منبعها القلب { ألا وفي الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب}. التربية هي بمثابة جهاز المناعة الذي يحمي الإنسان من المزالق. التربية لها غاية جليلة هي أن يصبح كل واحد منا لبنة في بناء مجتمعنا وصناعة تاريخ أمتنا لأن مصيرنا كأفراد مرتبط بالضرورة بمصيرنا كأمة. يجب تفعيل دور الأسرة كمؤسسة أولى للتربية حيث يلقى المراهق العناية والتوجيه والقدوة خاصة من الأب والأم. إذا كان الأب بارعا في قرع الطبل فلا عجب أن يكون الطفل بارعا في الرقص، وكيف ترجى لطفل استقامة إن هو رضع من ثدي الناقصة؟ وهل يستقيم الظل والعود أعوج؟ يجب أن تكون التربية متدرجة لكي تكون متوازنة، فالإصلاح الجدري المتأخر والغلو يؤدي إلى نتائج عكسية. وحذار من التطرف الآخر، التهاون والتساهل، الذي يؤدي إلى التسيب والاستهتار وهذا لايمكن أن يبني شخصية بله أمة.